الدراسات والبحوث

غسيل الأموال القذرة في القانون الليبي

 

غسيل الأموال القذرة في القانون الليبي

توطئة  :

 

يزداد الإهتمام بموضوع غسيل الأموال يومًا بعد يوم وبخاصة من قبل السلطات المالية والرقابية في مختلف أنحاء العالم ، وهذا الإهتمام المتزايد ربما يرجع إلى موجة الأزمات التي تعرضت لها العديد من المراكز المالية في العالم، ولإرتباط هذا النشاط بإستقرار أسواق المال الدولية وبأمان القطاع المصرفي والمالي ، وذلك انطلاقًا من الحجم المتزايد والمتنامي لعمليات غسيل أو تبييض الأموال الناتجة عن تجارة المخدرات والأسلحة ، تزوير العملات والرقيق الأبيض التهرب الضريبي ، ودعم آليات اختلاس المال العامالخ ، ومن ثم العمل على إدخال هذه الأموال في نطاق الدورة التجارية والإقتصادية الشرعية وصولاً إلى تداولها واستثمارها بصورة طبيعية .

لقد أصبحت عمليات غسيل الأموال إحدى الظواهر التي نمت في المجتمع الدولي والإقليمي ، ولهذا فقد بدأت تحظى بإهتمام المتخصصين في مجال الرقابة المالية لآثارها السلبية على الإقتصاد التي تجري بداخله من خلال تصرفات أو معاملات يترتب عليها اختفاء الصفة أو انتفاء الصلة بالمصدر غير المشروع لهذه الأموال ، والتي تأخذ دورتها العادية في تيار الدخل القومي بعد ذلك ، مما يترتب عليه آثارًا اقتصادية مختلفة بالنسبة للدولة التي تتم عملية غسل الأموال بها.

كما يلاحظ أن الجزء الأكبر من هذه العمليات تتم في المراكز المالية الدولية الكبرى والتي تتوزع بين نيويورك، لندن ،زيورخ ، جنيف ، باريس ، هونج كونج وغيرها من المراكز المالية الدولية التي تزخر بالمميزات التي يستفاد منها في أنشطة الجريمة المنظمة ومنها على سبيل المثال السرية المصرفية، هذا التوسع في أنشطة الجريمة المنظمة سببه التطور في أساليب غسل الأموال خلال السنوات السابقة مع التقدم التكنولوجي في وسائل نقل وانتقال الأموال وأجهزة ومع ذات تقديم الخدمات المالية التي أتاحت التنويع في أساليب غسل الأموال وفنونها[1] .

غسيل الأموال القذرة من أساليب عصابات الإجرام التي انتشرت في العالم تتخذه هذه العصابات لتخفي من ورائها أمورا عديدة ، حيث تقوم بنشاط من حيث الظاهر مشروع ، كإنشاء المتاجر والمطاعم ومحلات بيع المجوهرات.

وتعتبر هذه الأنشطة غطاء لنشاط آخر غير مشروع كالإتجار في المخدرات أو أي نشاط إجرامي أخر ( كالرشوة التي يحصل عليها العاملون في الدولة مثلا ) إذ يتم إيداع الأموال المتحصله من الإتجار غير المشروع في المخدرات مثلاً ، كما لو كانت متحصله من النشاط الظاهر للعيان المشروع وذلك بقصد إصباغ المشروعية على هذه الأموال،فأموال المخدرات تستثمر مثلاً في شراء الأراضي ثم تباع ويتم استثمار هذه الأموال ثانية في شراء المجوهرات وغيرها من الأشياء والبضائع التي تعد حيازتها مشروعة قانونًا، وذلك لمحاولة تغيير وصف هذه الأموال من غير مشروعة إلي أموال مشروعة.

ولذلك فلقد اهتمت العديد من دول العالم بهذه الظاهرة – وسوف نتعرض بشكل مبسط إلي هذا الموضوع في القانون الليبي في إطار ما يمكن استيعابه في هذا الحيز تارك الأمر لدراسة تفصيله قد تنشر بشكل متخصص إن شاء الله.

هذا ولقد ارتبط غسيل الأموال في البدء بتجارة المخدرات وبمهربي المخدرات والتي أعطت مجالاً واسعاً للأموال القذرة وذلك بسبب العوائد العالية ، وان كان هذا الأمر قد اخذ في الاتجار حيث تشير الدراسات إلي إن الأنشطة  [الفساد المالي و الوظيفي] خاصةً في الدول النامية من قبل أصحاب السلطة إلي خلق ثروات طائلة غير مشروعة تحتاج لتكوين محلاً للشغل كي تمكن أصحابها من الإستفادة منها ، حيث نجد بعض الموظفين في الدول النامية يحصلون علي أموال ضخمة من الرشاوى والأفعال الأخرى غير المشروعة وهو ما يدعو إلي ولوج ساحة غسل الأموال.

وللأسف الشديد فإن غسيل الأموال تعد من الأنشطة التي تتعاون فيها عدة جهات كخبراء المال و المصارف وخبراء التقنية والإقتصاديون وهو ما ساهم وبشكل كبير ومتصاعد في إفساد الذمم بشرائها بأموال قد حصلوا عليها دون عناء وتعب.

ولقد وصلت حجم الأموال التي تم غسلها سنوياً حسب بعض الدارسات إلي مليارات من الدولارات وهو ما يساهم بقدر كبير في التأثير علي اقتصاديات الدول بخروج الأموال بطريقة غير مشرعة في حين إن مصدرها غير مشروع أيضاً.

وبسبب خطورة هذا الأمر، فقد حرصت العديد من الدول علي وضع قانون خاص من اجل مكافحة غسل الأموال ومن ذلك ليبيا ومصر وسوف نتعرض في هذا الجانب وبشكل مختصر لقانون مكافحة غسل الأموال الليبي[2] .

 

المبحث الأول :- ماهية غسل الأموال.


أولاً:  تعريف غسل الأموال:-

اصطلاح غسل الأموال ليس قديماً ، بل أنه يرجع إلي عصابات المافيا التي كان توفر بحوزتها أموال نقدية طائلة قائمة علي الأنشطة غير مشروعة كالقمار ، وقد احتاجت هذه العصابات إن تصفي شيئا من المشروعية علي مصادر أموالها وكان أبرز السبل لتحقيق هذا الهدف هو شراء المشاريع وهو ما قام به زعيم المافيا ( آل كابون) ثم عاد هذا المصطلح إلي البروز ذلك إبان فضيحة ووترجيت عام 1973 غير إن الظهور القانوني لم يكن إلا سنة 1982 في الولايات المتحدة الأمريكية بمناسبة دعوي منظورة أمام القضاء[3].

ولقد ورد بدليل اللغة الأوربية لغسل الأموال الصادرة سنة 1990 تعريف لغسل الأموال بأنه [عملية تحويل الأموال المتحصلة من أنشطة جريمة يهدف في إخفاء أو إنكار المصدر غير المشروع والمحظور لهذه الأموال, أو مساعدة شخص أرتكب جريمة لتجنب المسئولية القانونية من الاحتفاظ بمحصلات هذا الجرم[[4].  

 

ثانياً: ما يعتبر جريمة غسيل أموال في القانون الليبي :-

لم يكن القانون الليبي في الماضي يتعامل مع الأموال غير المشروعة من خلال قانون خاص ولكن بالرغم من ذلك كان يعالج الأمور المتعلقة بالأموال غير المشروعة وفي العديد من القوانين, إذ تجسدت المراحل الأولي في إطار المادة 405 مكررة(أ) من قانون العقوبات والتي تتحدث عن جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جناية أو جنحة.

أما المرحلة الثانية فقد جسدها قانون من أين لك هذا، في حين أن قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 23/1373 لتعديل وإضافة بعض الإحكام إلي القانون رقم 7 لسنة 1990 بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية.

ثم أتت المرحلة الأخيرة وهي محور هذا الورقة حيث صدر القانون رقم 2 لسنة 1373 بشأن مكافحة غسل الأموال الصادر عن مؤتمر الشعب العام في 12 أي النار 1373. ولقد حدد هذا القانون في المادة الأولي منه الأفعال التي تعتبر جرائم غسل الأموال نصت المادة الثالثة علي انه[5] .

1: يُعد مرتكباً جريمة غسل الأموال كل من أتى سلوكاً من أنماط السلوك التالية:

أ‌- تملك الأموال غير المشروعة أو حيازتها أو استعمالها أو استغلالها,أو التصرف فيها علي أي وجه أو تحويلها أو نقلها أو إيداعها أو إخفاؤها بقصد تمويه مصدرها غير المشروع.

ب‌- تمويه حقيقة الأموال غير المشروعة أو إخفاء مكانها أو طريقة التصرف فيها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها أو ملكيتها أو حيازتها.

ج- الاشتراك فيما سبق بأي صورة من صور الاشتراك.

2:-تكون الأموال غير مشروعة،إذا كانت متحصله من جريمة بما في ذلك الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد وغيرها من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي تكون الدولة طرف فيها.

ومسلك القانون الليبي من حيث تحديده لم يعتبر غسل الأموال مسلكاً محموداً فهو يكاد يشمل كل صور غسل الأموال ويتوافق مع السياسة الدولية لمكافحة غسل الأموال هذه الجريمة التي لا تعرف السكينة، إذا أنها متحركة تتحرك عبر الحدود،بل إن من معالمها التنقل من مكان إلي أخر مستغلة في ذلك تغيرات القانون التي لن يخلو منها نظام قانوني منها حرص المشرع علي صياغته بشكل يعتقد في كماله.

 

ثالثاً : أساليب غسل الأموال:-

لا يمكن بحال من الأحوال حصر أساليب غسل الأموال فقد تعددت بشكل يصعب حصرها وساعد علي تعدد هذه التقنية التي أصبحت من سمات هذا العالم الحديث فالحضارة كما كان لها حسناتها كانت لها انتكاساتها علي صعيد الأفراد وحرياتهم وسعادتهم وأمنهم ومن ذلك المخدرات الصناعية التي تدخل العلم الحديث في خلقها كما ساهم العلم الحديث في تعدد أساليب غسل الأموال بشكل يتنامي ويتزايد مع مرور الأيام والحوادث وقد أستعمل العلم في هذا الشأن بشكل سافر وسوف نتعرض لبعض هذه الأساليب[6].

1- حسابات السرية :-

حيث استغلت الحسابات السرية في تنظيف الأموال القذرة من قبل غاسلي الأموال إذ أن العديد من القوانين تحمي السرية المصرفية وهذه الحسابات لا تجيز كشف هوية صاحب الحساب السري وكثيراً ما يستغل تجار المخدرات هذه الحسابات كتبييض النقود وقد اكتشفت العديد من عمليات التنظيف تورطت فيها بعض المصارف والعديد من الدول,غير إن هذا الأسلوب وان كان من الأساليب المفضلة لدى عصابات غسيل الأموال إلا إن هذا الأسلوب في كثير من الأحيان يتعرض للكشف باعتبار إن بعض الموظفين قد يكون لهم اطلاع علي هوية صاحب الحساب.

2- التحويل البرقي:-

ويعتمد هذا الأسلوب علي البحث عن مؤسسات مصرفية لا تمانع في قبول مبالغ ضخمة داخل البلاد وعلي أن تقوم بحجب هذا الأمر علي سلطات الدولة المكلفة بالمكافحة ويزداد نشاط هذا الأسلوب عن طريق الرشاوى التي تقدم لكبار المسئولين في المؤسسات المصرفية, كما حصل في إحدى البنوك في أمريكا سنة 1980 حيث ترتب على ذلك غسيل 94 مليون دولار.

3-   استغلال مكاتب الصرافة:

تستغل مكاتب الصرافة في غسيل الأموال وتمكين أعضاء العصابات من خلال هذا الأسلوب من تحويل مبالغ    طائلة إلي دول اجنبية باسم شركات وهمية.

 

المبحث الثاني : خطة مكافحة غسل الأموال في نطاق القانون الليبي.

وتظهر هذه الخطة من خلال مظاهر ( العقاب ) من جانب أخر من خلال ( الثواب) الحوافز علي النحو الأتي[7]:

أولا: مظاهر العقاب:-

أ- فرض القانون رقم 2 لسنة 73 بشأن مكافحة غسل الأموال عقوبة السجن والغرامة التي تعادل قيمة المال محل الجريمة مع مصادرة أجزاء تملك الأموال غير المشروعية أو حيازتها أو استعمالها أو استغلالها أو التصرف فيها أو تداولها أو نقلها أو إيداعها أو إخفاؤها بقصد تمويه مصدرها غير المشروع.

ب- معاقبة المنشات التي ترتكب جريمة غسل الأموال بإسمها أو لحسابها وبغرامة تعادل ضعف المال محل الجريمة مع مصادرة المال.

ج– فرض القانون الخاص بمكافحة غسل الأموال عقوبة الحبس والغرامة التي لا تتجاوز عشرة ألاف دينار ولا تقل عن ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين على كل مسئول أو موظف في منشأة ماليه أو تجاريه أو اقتصاديه يعلم بوقوع السلوك في منشأته تتصل بجريمة غسل الأموال ويمتنع عن الإبلاغ عنها إلى الجهة المختصة.

د- المراقبة المصرفية: حيث نص القانون على معاقبة المصرف الذي لم يتقيد بالحدود التي قررها المصرف المركزي والتي يسمح بإدخالها إلى الدولة نقد ا دون الإفصاح عنها وعن مصدرها بعقوبة غرامة ويتم التحفظ على الأموال حول المخالفة.

هـ- لمحافظ مصرف ليبيا المركزي تجميد الحسابات التي يشتبه في علاقتها بجريمة غسل الأموال مدة لا تزيد على شهر .

و-  لرئيس النيابة المختص إن يأمر بالتحفظ على الحسابات أو الأموال أو الوسائل المشتبه في علاقتها بجريمة غسل الأموال على إلا تزيد مدة الحجز التحفظي بموجب هذه الفقرة عن ثلاثة أشهر.

 

ثانيا:- مظاهر الثواب (الحوافز).

 

لقد نص القانون الخاص مكافحة غسل الأموال على إنه ( يعفي من العقاب كل من يبلغ عن جريمة غسل الأموال قبل اكتشافها من الجهات المختصة.


ثالثاً :- الالتزام بسرية المعلومات :-

نصت المادة 14 من قانون مكافحة غسل الأموال بأنه (على الجهات التي تحصل على معلومات أو بيانات وفقا لإحكام هذا القانون إن تحافظ على سريتها ولا تكشف عنها إلا بالقدر الضروري اللازم لاستخدامها في التحقيقات والدعاوى والقضايا المتعلقة بجريمة غسل الأموال والجرائم الأخرى المنصوص عليها في هذا القانون[8]( .

هذه نظرة سريعة حول قانون مكافحة غسل لأموال القذرة, وهو قانون جديدا أخد فيه المشرع الليبي التشريعات الحديثة،مجسدا الاتفاقيات الدولية التي تدعوا التعاون بين الدول باعتبار إن هذه الجريمة من الجرائم الممتدة عبر الحدود ، بل إنها تتجاوز الحدود تكاد تكون السمة التي تصطبغ بها هذه الجريمة التي تعد أخطر (جرائم عصر الإقتصاد الرقمي) فهي تحدد للمؤسسات المال والأعمال،فغسيل الأموال جريمة ذوي الياقات البيضاء،ترتكب من محترفي الإجرام الذين لا تتوافق سمعتهم مع السمات الجريمة التي حددتها نظريات علم الإجرام والعقاب التقليدية وخطورتها تكمن في أنها تعد جريمة لاحقة لأنشطة إجرامية تحقق عوائد مالية غير مشروعة.

المبحث الثالث : آثار عملية غسيل الأموال

أولا ً: أثر عملية غسيل الأموال علي الدخل القومي:

مما لاشك فيه أن عملية غسيل الأموال التي يقوم بها مجرمو المال ليس لهم من هدف إلا تحقيق مصالحهم الخاصة ، ولم يدر بخلدهم أي تفكير في تحقيق مصلحة عامة أو إنعاش اقتصاد الدولة أو التفكير في تحقيق هدف قومي مثلا ً إذ كل الهدف المبتغي هو وجود الوسيلة المقننة صوريا ً لإخراج المال الحرام في شكل جديد وإلباسه ثوبا ً شرعيا ً ، ومما لاشك فيه إن هروب الأموال غير المشروعة إلي خارج الدولة يؤدي إلي حرمان الدولة من هذه الأموال لو استثمرتها في الدخل وكان لها عائد في زيادة الدخل القومي،بل أكثر من ذلك فان عملية غسيل الأموال تؤدي إلي زيادة الدخول غير المشروعة علي حساب الدخول المشروعة مما يؤدي إلي اختلاف توزيع الدخل،بل يؤدي بالأكثر إلي عدم قدرة المشروعات الوطنية علي المنافسة في ظل هذه السوق الموبوءة،مما يؤدي إلي تعثر المشروعات،ولكل ذلك أثره المباشر علي التنمية وعلي الاقتصاد الوطني [9].

ثانيا ً: أثر عملية الغسيل علي الادخار المحلي:

وهنا نكون بصدد معادلة صحيحة فكلما زاد غسيل الأموال كلما قل الادخار المحلي،ويبدو ذلك واضحا ً حيث أن غسيل الأموال يؤدي إلي هروب رؤوس الأموال إلي خارج البلاد في رداء جديد،مما يؤدي إلي قلة المدخرات التي توجه للاستثمار ، وكذلك لو تم غسيل الأموال عن طريق تصرفات مثل كان توجه رؤوس الأموال القذرة إلي شراء التحف والمجوهرات والآثار فان من شأن ذلك توجيه الأموال إلي الاستهلاك وهذا من شأنه الإضرار المجتمع فيقل القدر الموجه إلي الادخار ويقل معدل النمو[10] .

ثالثا ً: أثر عملية الغسيل علي معدل التضخم:

بنظرة تحليلية نجد أن غسيل الأموال يؤدي إلي تحقيق ثراء سريع ودخول كبيرة لفئة قليلة وهذه الدخول الكبيرة لا يقابلها زيادة في الإنتاج، لأنها في الأصل لا تهدف التنمية، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلي ارتفاع الأسعار حيث تنخفض قيمة النقود ، ويعاصر ذلك نقص معدل الادخار ونقص إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم ومن شأن كل ذلك أن يؤدي إلي عجز الميزانية وانتشار التضخم .

رابعا ً: أثر غسيل الأموال علي قيمة العملة الوطنية:

مما لا شك فيه أن عمليات غسيل الأموال تهدف بالأساس الحصول علي العملة الأجنبية لتحويلها،وان من شأن ذلك أن يؤدي إلي زيادة الطلب عليها فترتفع أسعارها، في حين تنخفض أسعار العملات الوطنية وبالتالي انخفاض قيمة العملة وتدهورها.

خامسا ً : أثر غسيل الأموال علي معدل البطالة:

غسيل الأموال يؤدي إلي تعطيل جزء كبير من الدخل القومي دون الاستفادة منه وبالتالي لا يتجه إلي الاستثمارات اللازمة لتوفير فرص العمل اللازمة للمواطنين مما يؤدي إلي تخفيض حجم العمالة وزيادة       البطالة  [11].

 

الخاتمة :

بعد أن أصبحت عمليات غسل الأموال ظاهرة ملموسة تهدد اقتصاديات معظم الدول على حد سواء خاصة الدول الصناعية الكبرى،الأمر الذي أدى إلى قيام هذه الدول بسن القوانين والتشريعات،وعقد الندوات والمؤتمرات للحد من الآثار المترتبة على هذه العمليات،إلا أن هذه الظاهرة لم تكن ظاهرة ملموسة في الاقتصاديات العربية في العقود والسنوات الماضية .

كما أن القطاعات المالية والمصرفية لم تكن حاضرة على الخارطة العالمية كمراكز أو قنوات لغسل الأموال المشبوهة،ويرجع ذلك إلى جملة من الأسباب منها محدودية انفتاح معظم هذه الاقتصاديات على الاقتصاد العالمي وجود قيود على انتقال الأموال،بالإضافة إلى ضآلة حصة هذه الاقتصاديات من التدفقات المالية والاستثمارية الدولية وغياب العرض في القطاعات المالية والمصرفية عوامل ساهمت في عدم ترسيخ غسل الأموال كظاهرة كبيرة أو ملموسة لدى معظم الدول العربية، إلا أن التحولات التي شاهدتها الاقتصاديات العربية في السنوات القليلة الأخيرة والتي تمثلت في تعزيز تحرير المال وتعميق الانفتاح على الاقتصاد العالمي،إلى جانب تزايد الاهتمام الدولي بقضايا مكافحة غسل الأموال وتمويل الأنشطة غير المشروعة ، وظهور العديد من المعايير والمبادئ الدولية،قد دفع بالسلطات العربية لاتخاذ الإجراءات والضوابط الكفيلة بمنع تسرب هذه الظاهرة إلى الاقتصاديات العربية، وأمام الدول العربية المزيد من الإجراءات والتحوطات لتفادي آثار هذه الظاهرة ومنها نوصي بالاتي :-

1.  أهمية وضع تشريع عربي قومي لمحاربة غسل الأموال،يضع الخطوط العريضة للجوانب التي يمكن القيام بها من خلال التعاون والتنسيق بين المؤسسات المالية والمصرفية والتشريعية والأجهزة الأمنية في الدول  العربية .

2.    تطوير قوانين سرية الحسابات المصرفية لتنسجم مع مكافحة غسل الأموال .

3.    تطوير وتدريب العاملين في المصارف والمؤسسات المالية وأسواق المال وغيرهم على الأساليب الحديثة لكشف محاولات غسل الأموال والإبلاغ عنها .

4.    الاستفادة من خبرة عدد من المصارف العالمية التي تتجه نحو مكافحة غسل الأموال والعمل على إيجاد آلية تنسيق وتعاون دولي من خلال تبادل المعلومات والخبرات القانونية والمالية والنقدية التي من شأنها أن تلعب دورًا هامًا في مكافحة غسل الأموال .

5.    العمل على إصدار قانون لمكافحة عمليات غسل الأموال القذرة بحيث تجرم عمليات غسل الأموال .

6.    ضرورة متابعة عمليات انتقال العملة ودخولها عبر الحدود للتأكد من مصادرها .

7.    العمل على محاربة الأنشطة والأعمال غير المشروعة مثل سرقة المال العام والرشوة وغيرها من المصادر غير المشروعة لما لها من آثار سلبية على تنفيذ الخطط التنموية ومعدلات الأداء .

8. ضرورة تطبيق نظم الاستخدام ووسائل التقنية الآمنة لإدارة الأموال وأن تضع إرشادات تساعد المؤسسات المالية على تفحص الأعمال والتصرفات التي تدعو لذلك .

9.    العمل على عقد الندوات والمؤتمرات لما لها من أهمية في نشر الوعي لدى المواطنين واطلاعهم على خطورة وعواقب عمليات غسل الأموال. 


المراجع

[1] القانون رقم (5) لسنة 1426 ميلادية، بشان تشجيع استثمار رؤوس الأموال الأجنبية.

[2] قانون غسيل الاموال الليبي الصادر في سرت لسنة /1370و.ر (2002).

[3] – قانون غسيل الاموال الليبي سابق دكره.

[4] قانون غسيل الأموال الليبي سابق ذكره.

[5] – قانون غسيل الأموال الليبي سابق ذكره.

[6] – قانون غسيل الأموال الليبي سابق ذكره.

[7] – قانون غسيل الأموال الليبي سابق ذكره.

[8] القانون رقم (5) لسنة 1426 ميلادية، بشان تشجيع استثمار رؤوس الأموال الأجنبية.

[9] القانون رقم (1) لسنة 1993م بشان المصارف والنقد والائتمان وتعديلاته.

[10] القانون رقم (5) لسنة 1426 ميلادية، بشان تشجيع استثمار رؤوس الأموال الأجنبية.

[11] القانون رقم (1) لسنة 1993م بشان المصارف والنقد والائتمان وتعديلاته.


#فريق_البحث_العلمي_بالمركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى