الدراسات والبحوث

نشأة تنظيم الجماعة الاسلامية المقاتلــة في الجنوب الليبي

في فبراير سنة 92 اقتدى المتطرفين الليبيين المتواجدين في أفغانستان بأقرانهم المتطرفين المصريين والجزائريين وشكلوا تنظيم  أطلقوا عليه اسم ( سرايا المجاهدين ) ترأسه المتطرف ( مفتاح المبروك عيسى الدوادى ـ ينتمي أصلا لقبيلة أولاد شرف الدين بصبراته ، كان طالب بكلية الطب البشري جامعة الفاتح سابقا ، ومسئول الجناح العسكري في التنظيم) وتكونت له هيكلية تنظيمية ، وأعلنوا ما أسموه بالجهاد في ليبيا لإقامة الدولة الإسلامية كهدف لهذه الجماعة ، وفي أواخر السنة نفسها قامت السلطات الباكستانية بمضايقة وطرد من أُطلق عليهم اسم ( العرب الأفغان ) من الباكستان ، فضاقت الدائرة بالمتطرفين الليبيين كغيرهم في بيشاور ، فأجتمع أعضاء ما يسمى عندهم بمجلس الشورى وقرروا إدخال عناصر التنظيم لليبيا للعمل في الداخل ، فقرر مفتاح الدوادى الدخول إلى البلاد للاستطلاع والبحث عن مأوى للمتطرفين الذين سيتقرر إدخالهم  فتم القبض عليه في مصر بسبب دخوله بمستند سفر مزور قبل دخوله لليبيا ، بعد أن وصل خبر القبض عليه للمتواجدين في الباكستان وتأكدوا من ترحيله إلى ليبيا تولى المكنى أبوالمنذر ( سامي مصطفى خليفة الساعدى ، ينتمي أصلا لعائلة الساعدى يغريان ومقيم بشارع بن عاشور طرابلس ، كان طالب  بكلية الهندسة جامعة الفاتح سابقا ، مسئول الجناح الشرعي في التنظيم ) تولى قيادة التنظيم ، وفي بداية سنة 93 عقد المتطرفون اجتماع آخر في بلدة ( بابي ) بمنطقة بيشاور ناقشوا فيه ما توفر لديهم من معلومات عن الوضع الأمني لهم في الداخل ، حيت توصلوا فيه إلى أن منطقة الجنوب تعتبر أكثر المناطق أمناً لهم ، وبالتالي وقع الاختيار على المكنى إدريس الصحراوي (عبدالوهاب ابوبكر محمد قايد ، ينتمي أصلا لعائلة قايد محلة تساوه بمرزق ـ كان طالب بكلية الطب جامعة العرب الطبية ـ عضو بالجناح الأمني في التنظيم) باعتباره من منطقة الجنوب وعلى دراية بطبيعتها وطبائع أهلها ، فتقرر دخوله إلى البلاد للاستطلاع وإعداد مأوى للمتطرفين في الداخل ، فدخل متسللا لوحده في بداية شهر3 / 93 بمستندات مزورة ، ومباشرة ذهب إلى سبها والتقى بالمتطرف ( منصور محمد ثامر، ينتمي أصلا لعائلة ثامر منطقة تراغن ـ إنتحر في التوقيف سنة 93 ) الذي تعرف عليه بجامعة سبها أثناء زياراته لشقيقه الأصغر( حسين ابوبكر قايد ، عضو بالتنظيم) عندما كان طلب بكلية العلوم جامعه سبها ، ويعرف مسبقاً أنه من ذوى الأفكار الجهادية ، فأبلغه بأنه قادم من أفغانستان وأنه ينتمي لتنظيم يسمي ( سرايا المجاهدين ) هدفه تغيير النظام في ليبيا إلي ما أسماه بنظام إسلامي وعرض عليه الانضمام فوافق ، وعندها أبلغه أن يكون على استعداد لاستقبال أي شخص مبعوث له من طرفه ، ثم سافر وبعد فترة أي في منتصف سنة 93 أرسل له المكنى مصطفى الزاوي ( عبدالمنعم مختار محمد المدهونى ، ينتمي أصلا لمنطقة صبراته محلة رأس التين) الذي دخل البلاد متسللاً عبر الحدود الجنوبية بمستندات مزورة يرافقه المكنى أبواليمان ( يحيى المبروك الدباشى ، ينتمي أصلا لعائلة الدبابشه بصبراته) والتقيا مع منصور ثامر واستأجروا بيت في حي المنشية مخيم 85 بمنطقة سبها معروف ببيت الحاج مختار ( البيت ملك للمواطن النايض قريرة ينتمي لقبيلة ورفله بسبها ، مهنته كان ضابط بقسم مرور سبها ، تم تأجيره للمتطرفين من طرف ابن عمه مختار عبدالله النايض  مهنته كان موظف بالمصرف الزراعي سبها ، قام باستئجاره للمدعو منصور محمد ثامر بمبلغ 90 دينار، وأقام فيه في بداية الأمر ثلاثة متطرفين وهم : ( عبد المنعم المدهوني ـ يحي الدباشي ـ إبراهيم المملوك ) ومن ذلك البيت تولى عبدالمنعم المدهونى تنشيط حركة التنظيم في منطقة الجنوب بتكوين قاعدة للاتصال بالمتطرفين واستقبال القادمين من الخارج واستقطاب عناصر من الجنوب ومأوى للهاربين من الملاحقة الأمنية في المناطق الأخرى ، وفق المخطط الذي رسمه عبدالوهاب قايد ، بعدهما مباشرة وفي نفس الفترة عاد للبلاد عبدالوهاب قايد متسللاً أيضاً بمستندات مزورة ، والذي صادف وجوده في سبها القبض على منصور ثامر وبعض المتطرفين الآخرين في منطقة الجنوب  فشعر بالخطر باعتبار أن منصور ثامر من منطقة الجنوب ويعرفه باسمه الحقيقي فخاف وغادر البلاد ، وبقى يحيى الدباشى وعبد المنعم المدهونى في سبها ، وبعد أن تأكد عبد الوهاب قايد من أسرته من عدم حضور الأمن للسؤال عنه في منزله ، وتأكد أيضاً من انتحار منصور ثامر وعرف أن الأمور قد هدأت ، أطمئن وعاد متسللاً مرة أخرى في بداية سنة 94 وبدأ  في الاستقطاب لما يسمى بتنظيم ( سرايا المجاهدين ) فأستغل علاقته بالمتطرف ( ناصر أحمد على القايدى ، ينتمي لقبيلة القوايد ورفله مقيم بسبها ، عاطل عن العمل آنذاك) الذي تعرف عليه عن طريق منصور ثامر ، فأستقطبه وعن طريقه تعرف على بعض المتميزين بالشكليات المتطرفة الذين كانوا يترددون على مسجد المهدية بسبها فأستقطبهم أيضاً وأنشأ خلية تتكون من :

ـ  المتطرف /  ناصر أحمد على القايدى( ينتمي أصلا لقبيلة القوايـد ورفله مقيم بسبها ).

ـ المتطرف / عيسى بشير شلغــم ( ينتمي أصلا لقبيلة المقارحــه بالشاطئ مقيم بسبها ) .

ـ  المتطرف / خالد سعيد الأحيمـر( ينتمى أصلا لمنطقة إدرى بالشاطئ مقيم بسبها) .

ـ المتطرف / عثمان علي تخوخ ( ينتمي أصلا لقبيلة السهكه الشاطئ مقيم بسبها) .

 كانت أغلب اجتماعاتهم ولقاءاتهم تتم ببيت وورشة ومزرعة ناصر القايدى  بسبها ، ثم قام عبد الوهاب قايد بتعريف المكنى مصطفى الزاوي ( عبد المنعم المدهونى ) على ناصر أحمد القايدى ، وترك له مسئولية الإشراف على النشاط في المنطقة الجنوبية وطلب منه رصد عناصر أخرى ممن يحملون الأفكار المتطرفة واستقطابهم لتنظيم الجماعة المقاتلة ، وعن طريق ناصر أحمد القايدى قام ( عبدالمنعم المدهونى ) باستقطاب عناصر جدد للتنظيم وصارت خلية أخرى تتكون من :

ـ   محمد مصباح الهادي الحسناوى ( كان عريف بمركز بشرطة القرضه ـ ينتمي لقبيلة الحساونه القرضه الشاطي)

ـ   عبد المنعم سالم خليفة الحسناوى ( كان طالب بالمعهد العالى للمعلمين ـ ينتمي لقبيلة الحساونه سكره).

ـ   عبد السلام الصديق إطبيقة الحسناوى(قبيلة الحساونة سكره).

ـ   خالد عبد القادر الفتحى ( قبيلة المرابطين آقار الشاطئ) .

ـ   طارق عبد القادر الفتحى ( قبيلة المرابطين آقار الشاطئ).

في تلك الفترة أي خلال سنة 94 خرج المتطرفين الليبيين الذين كانوا في بيشاور كما نوهنا سابقا ولجأ جزء منهم إلي بريطانيا والجزء الآخر إلى السودان وأعادوا بناء هيكلية التنظيم في السودان وتنحية المكنى ابوالمنذر ( سامي مصطفى الساعدى ) من مسئولية التنظيم وتنصيب المكنى عبد القادر ( عبد الحكيم الخويلدى المصري بالحاج ـ ينتمي أصلا لعائلة بالحاج سوق الجمعة طرابلس ـ عضو بالجناح العسكري) وصار مسئول أعلى للتنظيم وأصبحت كنيته فيما بعد ( ابوعبدالله الصادق) وتغير اسم التنظيم إلى ( تنظيم الجماعة المقاتلة ) ومقره السودان ، ومنذ ذلك الوقت استقر (  عبد الحكيم الخويلدى بالحاج ) ومجموعته  من قيادات التنظيم  في السودان لتسيير نشاط وحركة التنظيم وتسريب المتطرفين للداخل ، وأستقر ( سامي مصطفى الساعدى ) والمجموعة الأخرى في بريطانيا لجمع الأموال وإرسالها لمسئول التنظيم في السودان .

في نفس الوقت استغل المتطرفون هدوء الحركة الأمنية على الحدود الليبية السودانية وعمليات تهريب البضائع والعمال الأفارقة عبر مسالك صحراوية غير مراقبه أمنياً وبدءوا في تسريب المتطرفين عن طريقها  للبلاد ، فنشطت حركة التسلل من الخارج عبر الحدود الجنوبية وصدرت التعليمات للمطلوبين والمطاردين من طرف الأمن من المناطق الأخرى في الداخل بالتوجه للجنوب علاوة على المستقطبيـن من المناطق الجنوبية ، وجميعهم استقروا بمنطقة سبها والمناطق المجاورة لها ، فعمل المكنى ( مصطفى الزاوي ) بمساعدة ( خالد الفتحي ) على فتح مأوي أخرى ، فأستأجر ورشة بمنطقة المهدية ( تقع بالمجمع الصناعي ، يملكها المواطن عبد القادر يوسف الناجمي ، ينتمي لقبيلة الجمايله محروقه يقيم بسبها ، مهنته عمل  حر ، تم استئجارها في شهر 4 /96 من صاحبها مباشرة للمدعو طارق الفتحي بمبلغ 150 دينار شهريا كموقع لبيع رابش السيارات ) ثم أستأجر شقة بمنطقة الثانوية بسبها عن طريق فايز عبد القادر القذافي ينتمي لقبيلة أولاد خريص بزله وهي ( ملك المواطن أحمد أنبيص الشريف ، استأجرها طارق عبد القادر، باسم ابوبكر خليفة الرباح باسم مزور على أساس أنه صومالي للإقامة فيها بزوجته ) وبعدها تم استئجار منزل عيسى بشير شلغم  بمنطقة زلواز بالشاطئ ( قام بتأجيره عيسى شلغم ـ عضو بالتنظيم ـ  للمكنى/ على المصري ـ عبد الرزاق على خليفة الترهونى ـ مسئول المنطقة الجنوبية في التنظيم ، مهنته سائق ركوبة عامة سابقا ، وينتمي أصلا لمنطقة ترهونه ، وفق اتفاق بينهما  بعد أن أوهم والده بأن المستأجر مدرس مصري ) وبدأ يتوالي حضور المتطرفين للمنطقة الجنوبية للاختباء وممارسة النشاط وكان من بينهم ( مصطفى الصيد الفيتورى قنيفيد ـ ينتمي أصلا لقبيلة العلاونه قصر بن غشير، مقيم بسوق الجمعة طرابلس ـ كان طالب بكلية الهندسة جامعة الفاتح سابقا ـ عضو مجلس الشورى بالتنظيم) وكان مكلفاً بالإشراف على نشاط المجموعة في المنطقة الجنوبية ، وشارك في الإشراف والتخطيط والتنفيذ لبعض العمليات الإجرامية التي قاموا بها  في المنطقة الجنوبية رغم التحذيرات الصادرة إليهم من مسئول التنظيم بعدم ارتكاب أية أفعال من شأنها تثير انتباه الأجهزة الأمنية وتخلق بلبلة  تؤدى إلى فرار عناصر المجموعة ، ثم بدأ المتطرفين في مزاولة نشاطهم  بهدوء وسرية تامة في تلك المنطقة إلى أن تم  كشفهم ومداهمة أوكارهم من قبل الأجهزة الأمنية .

تسليح زمرة الجماعة المقاتلة  في منطقة الجنوب

كانت الخطة المتفق عليها في اجتماع ما يسمى بمجلس الشورى في منطقة بيشاور الباكستانية قبل توجههم إلى السودان هي أن تكون منطقة سبها منطقة إيواء وليس منطقة نشاط ، ولم يتم تزويد مسئول التنظيم في المنطقة بأي كمية من الأسلحة أو المتفجرات ، رغم أن قيادة التنظيم في المنطقة الشرقية كانت تحوز على كميات كبيرة من البنادق والرمانات اليدوية وهي التي سُرقت من ( معسكر الحنيه ) بإجدابيا ، وكانت قيادة التنظيم بالمنطقتين على اتصال ببعضهما ، وحتى الذين تسللوا من الخارج أو الذين قدموا إليها من المناطق الأخرى في الداخل  لم تكن بحوزتهم أسلحة سوى بعض العبوات البسيطة من المتفجرات المصنعة محلياً في علب مشروبات صغيرة ( علب كمثرى ) كسلاح شخصي والهدف من حمله وفق التعليمات الصادرة إليهم إما للدفاع عن النفس أو لتفجير نفسه بها إذا لم يستطع الدفاع والهروب في حالة المطاردة الأمنية كي لا يُقبض عليه ويضطر للاعتراف على مجموعته ، ثم أن قواعد الإيواء التي أنشئوها في سبها كانت خالية من الأسلحة والمتفجرات إلا كمية قليلة من مادة متفجرة مجهولة المصدر تم إحضارها من طرف ( عيسى بشير شلغم ) من بيت كان يقيم فيه متطرفين بمنطقة المرج سنة 94 وسلمها لمسئول التنظيم في منطقة سبها في ذلك الوقت ( عبد المنعم المدهوني ) وهي المادة التي استعملت في تفخيخ براويز الصوٌر التي تمت بها المحاولة لاغتيال القدافي في الاحتفال الذي أقيم بمنطقة براك الشاطئ شهر 8 /94.

في منتصف سنة  95 قامت مجموعة من المتطرفين بقيادة ( مصطفى الصيد قنيفيد) بالسطو على معسكر التسليح بسبها وسرقوا منه عدد 13 قذيفة صاروخ راجمات وقام ( عزالدين بن جمعه ـ مقيم بطرابلس وينتمي أصلا لمنطقة ترهونه ـ تدرب في أفغانستان وله خبرة في صناعة المتفجرات والشراك الخداعية ) قام بإفراغ شحنة تلك القذائف من البارود وصنع منها عدد من العبوات الصغيرة في ( علب كمثرى ) وعبوة كبيرة في( جالون نايلون ) وهي التي استخدمت في مخطط المحاولة الثانية لاغتيال القدافي أثناء زيارته للنصب التذكاري في ذكرى معركة محروقة بمنطقة الشاطئ خلال شهر12 /95 وحتى ذلك التاريخ لا يمتلك المتطرفين في منطقة الجنوب أي نوع من الأسلحة  الأخرى .

 خلال شهر 5 /96 قام المتطرفون بقيادة المكنى مصطفى الزاوي ( عبد المنعم مختار المدهوني ) بالسطو على معسكر التسليح بسبها مرة أخرى وسرقوا منه حوالي مائة بندقية كلاشنكوف ، ومنها الكمية التي تم اكتشافها من قبل الأجهزة الأمنية ووجدوها مردومة في طريق الشاطئ ودان ، وقام مصطفى الزاوي بإحضار عدد من الرمانات اليدوية صنع خارجي من مصدر مجهول تم توزيعها على بعض عناصر المجموعة ، وبذلك أصبحت مجموعة التنظيم في منطقة سبها تمتلك البنادق والرمانات اليدوية صنع خارجي وعبوات صغيرة مصنعة محلياً ومنها كانت الرمانة التي استخدمت في المحاولة الثالثة لاغتيال القدافي أثناء الاحتفال بمنطقة براك الشاطئ بتاريخ 23 / 11 /96 .


#فريق_البحث_الامني_بالمركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى