الدراسات والبحوث

المحطات الخارجية للتنظيمات الإرهابية

مقدمة:

نتناول موضوع المراكز أو ( المحطات ) الخارجية للتنظيمات الإرهابية من خلال تعريف هذه المراكز، وتحديد المهام التنظيمية لها وأنواعها ونختم بالتطرق إلى دورها في انتشار ظاهرة الإرهاب.

*ماهية المراكز أو ( المحطات ) الخارجية للتنظيمات الإرهابية :-

تمثل المراكز أو ( المحطات ) الخارجية قواعد ارتكاز وامتداد للتنظيمات المتطرفة الإرهابية خارج حدود دولها،وغالبا ما تلجأ تلك التنظيمات لإنشاء هذه المحطات في إعقاب تعرض قياداتها وعناصرها لإجراءات ( أمنية – قانونية ) على أراضي دولتها مما يؤدي إلى تحجيم حركة عناصرها ومنعها من تحقيق أهدافها الحركية والإستراتيجية .

ويتم اختيار المحطات التنظيمية وفقا للمواقف التكتيكية للتنظيمات الإرهابية ويراعى في عملية الإختيار مجموعة من الإعتبارات أبرزها ما يلي :

1- مستوى وفاعلية الإجراءات الأمنية في الدولة محل الاختيار من حيث سهولة عمليات الدخول والإقامة والتمركز والحركة على أراضيها .

2- ضعف جهاز الأمن ( في دولة المحطة ) وعدم قدرته على فرض سيطرته الكاملة على أراضي هذه الدولة .

3-  وجود قوانين ( في دولة المحطة ) تحول دون إتمام عمليات التسليم القانوني لعناصر التنظيم .

4-  وجود تنسيق مع تنظيمات أو ( خلايا ) إرهابية في أراضي دولة المحطة .

من هنا عمدت التنظيمات الإرهابية المتطرفة إلى الإمتداد بمواقعها وخلاياها التنظيمية للعديد من دول لعالم ( في صورة محطات خارجية  ) استغلالاً لقوانين تلك الدول التي تمنح الأجانب حق الإقامة واللجوء السياسي بدعوى انتهاك حقوقهم وحرياتهم في الدول التي يحملون جنسياتها .

 *المهام التنظيمية للمراكز ( المحطات ) الخارجية للتنظيمات الإرهابية:

تضطلع القيادات والعناصر الإرهابية المسئولة عن إدارة الحركة التنظيمية بالمراكز ( المحطات ) الخارجية للتنظيمات الإرهابية بأدوار رئيسية ممكن الإشارة إلى أبرزها فيما يلي :-

1- تسهيل إقامة عناصر التنظيمات الإرهابية خارج حدود دولتها الأصلية واستقبال وإيواء هذه العناصر بهدف حمايتها من ملاحقة الأجهزة الأمنية .

2- تزويد العناصر الإرهابية الهاربة بالمستندات المزورة لتغطية حركتهم أثناء تنقلهم بين دول العالم ودولهم الأصلية ( بطاقات إثبات الشخصية – جوازات سفر – مستندات متنوعة – شهادات جامعية ….الخ ) .

3- نقل الرسائل والتكليفات التنظيمية ( بأساليب الرسائل والإتصال الهاتفي أو الإنترنت ) بين قيادات التنظيم وعناصره لتنفيذ الأنشطة التنظيمية للتنظيمات الإرهابية وعملياتها العدائية سواء داخل دولها الأصلية أم خارجها .

4- نقل وتقديم الدعم المادي وجميع التبرعات لدعم الأنشطة التنظيمية المختلفة ( سياسية – دعائية أو غيرها ) وتنفيذ العمليات الإرهابية المخطط لها داخل وخارج الدول الأصلية للتنظيم الإرهابي .

5- إعداد المعسكرات ومواقع لتدريب عناصر التنظيمات الإرهابية على استخدام الأسلحة والذخائر وفنون ومهارات القتال واستخدام المواد المتفجرة والمفرقعات فضلا عن تدريب هذه العناصر على استخدام وسائل التنكر والتمويه وأعمال الإستخبارات ( جمع معلومات – كشف عمليات المراقبة – كيفية الإجراءات الأمنية أو القضائية – علوم الطبوغرافيا ).

6- إنشاء المراكز والمكاتب الدعائية واستخدامها في إصدار البيانات والمنشورات المناهضة للدول الأصلية للتنظيمات الإرهابية والترويج للمفاهيم والأفكار المتطرفة .

6- استخدام المراكز ( المحطات ) الخارجية في التخطيط والإعداد للعمليات الإرهابية المخطط لارتكابها داخل الدول الأصلية للتنظيمات الإرهابية أو مصالحها بالخارج .

 *البناء التنظيمي للمراكز ( المحطات ) الخارجية:

تعد المراكز ( المحطات ) الخارجية لأي تنظيم إرهابي من حيث البناء التنظيمي نموذجا مصغرا للهياكل التنظيمية إلام ترتبط به تحت قيادة مؤهلة لهذا العمل التنظيمي وعبر قنوات اتصال محددة .

ويرتكز البناء التنظيمي للمراكز ( المحطات ) الخارجية بصفة عامة على نوعين من حيث الأشكال التنظيمية ( الهرمي – العنقودي ) حيث يستخدم أحد الشكلين التنظيمين المشار إليهما وفقا للهدف الذي تم من أجله إنشاء المركز الخارجي ( المحطة ) .

 *أنواع المراكز ( المحطات ) الخارجية للتنظيمات الإرهابية:

تتنوع المحطات التنظيمية الخارجية وفقا للهدف الذي تم إنشاؤها من أجله وذلك على النحو التالي :-

-أولا : محطات للتمركز والإيواء ومباشرة العمل التنظيمي:

تتخذ التنظيمات الإرهابية من هذا النوع من المحطات مركزا للمكوث والإعداد لتنفيذ عمليات إرهابية محددة على أراضي الدولة محل الإقامة .

ومن أبرز الأمثلة المطروحة في هذا المجال اتخاذ المتطرفين الليبيين من العاصمة البريطانية لندن مركزا للتخطيط للعمليات الإرهابية التي تم ارتكابها أبان زمن النظام السابق .

-ثانيا : محطات للإنتقال والعبور:

وهذا النوع من المحطات الخارجية يقع على أراضي إحدى الدول القريبة من أو ( الواقعة على حدود ) الدولة الذي يستهدف التنظيم الإرهابي المكوث بداخلها أو تنفيذ عملية إرهابية على أراضيها تحقيقا للأهداف التالية :-

1- تجميع عناصر المجموعة التنفيذية للعملية الإرهابية المخطط لها لتلقينهم التكليفات الخاصة بالعملية والاتفاق على المراحل النهائية لتنفيذها .

2- اضطلاع عناصر المجموعة التنفيذية المشار إليها بإجراء اتصالات تنظيمية بقيادات التنظيم الإرهابي من جانب وعناصر التنظيم على أراضي الدولة المستهدفة من جانب أخر .

3- تسليم العناصر الإرهابية العابرة وثائق السفر والهويات المزورة التي ستكون بحوزتهم أثناء مرحلة المكوث بالدولة المستهدفة أو تنفيذ العملية الإرهابية على أراضيها .

4-  إمكانية حصول العناصر العابرة على الدعم المادي اللازم لإمكانية المكوث داخل الدولة المستهدفة أو خدمة متطلبات تنفيذ العمليات الإرهابية على أراضيها .

ثالثا : محطات التمويل:

تتخذ عناصر التنظيمات الإرهابية الهاربة من بعض المدن في مختلف دول العالم مراكز لإدارة مشروعات تجارية واستثمارية استغلالا لقدرتها في التحايل على قوانين الإقامة والعمل بتلك الدول خاصة مشروعات الاتجار في اللحوم والمنتجات الغذائية وإنشاء مجازر للذبح .

-رابعا : محطات علنية لإدارة وتوجيه العمل الدعائي:

تتخذ التنظيمات الإرهابية من بعض المدن الرئيسية في دول أخرى مراكز أو ( محطات ) لتوزيع ونشر مطبوعات وإصداراتها فضلا عن استخدام شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) وأجهزة البريد المصور للترويج لبياناتها وتوصيل رسائلها التنظيمية لعناصرها على امتداد دول العالم .

وتجدر الإشارة هنا إلى اعتياد قيادات ومسئولي العمل الدعائي بالتنظيمات الإرهابية على الاتصال بالمؤسسات الصحفية ووكالات الأنباء العالمية واستخدامها في توصيل رسائلها وبياناتها التنظيمية باعتبارها أسرع وسيلة يمكن استخدامها .

-خامسا : محطات للتدريبات العسكرية المتقدمة:

يقع اختيار التنظيمات الإرهابية على مناطق الصراع المسلح في دول العالم لاستخدام موقع العمليات العسكرية في تلك المناطق كغطاء لإقامة معسكرات لتدريب عناصرها وكوادرها على ( فنون القتال المتقدمة – استخدام الأسلحة والذخائر – استخدام المتفجرات وإعداد العبوات الناسفة – الطبوغرافيا العسكرية – أساليب حرب العصابات والتخطيط للعمليات الإرهابية باستخدام التقنيات الحديثة ) .

 *دور شبكة المعلومات الدولية ( الانترنت ) في دعم عمليات الاتصال للمراكز ( المحطات ) الإرهابية بالخارج:

لقد استثمرت المراكز (المحطات) الخارجية للتنظيمات الإرهابية الإمكانات التكنولوجية لشبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) بصورة غير مسبوقة في تحقيق الأهداف التالية:-

1-الترويج الموسع لأفكار التنظيمات الإرهابية المتطرفة بهدف استقطاب المتابعين لمواقعها على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت). 

2-  بث مواد تعليمية حول أساليب إعداد وتصنيع المتفجرات وكيفية استخدامها في تنفيذ العمليات الإرهابية بالإضافة إلى مواد تدريبية على استخدام الأسلحة والذخائر .

3-  تحقيق الإتصالات التنظيمية بين العناصر الإرهابية المتواجدة داخل وخارج كل دولة وكذلك العناصر غير المرصودة أمنيا وتمكينها من المشاركة في الأنشطة التنظيمية بفاعلية كبيرة ( نقل الرسائل والتكليفات التنظيمية،التحويلات المالية …الخ ) .

 

*دور المراكز ( المحطات ) الخارجية في انتشار ظاهرة الإرهاب ببعض دول العالم:

ليس هناك شك من أن لجوء التنظيمات الإرهابية بصورة عامة إلى دفع قياداتها وكوادرها للتجمع والتمركز ببعض الدول وإنشاء محطات تنظيمية بها لإدارة الأنشطة الإرهابية،وقد أصبح هذا الشيء يمثل احد العوامل الرئيسية التي تساعد في انتشار ظاهرة الإرهاب حيث تختلط تلك القيادات والكوادر ببعض المواطنين بالدول المقيمين على أراضيها ( مقر المحطة التنظيمية ) وتعمل على نشر أفكارها ومفاهيمها المتطرفة في أوساطهم .

كما أن هناك أسبابا أخرى تجعل من المحطات الخارجية للتنظيمات الإرهابية احد ابرز عوامل انتشار الإرهاب والعنف على مستوى العالم خاصة في ظل الروابط القائمة بين الإرهاب والجريمة المنظمة .

فقد سبق وأن كشفت عمليات الرصد الأمني في بعض الدول منذ فترة طويلة لأنشطة ( التنظيمات الإرهابية ) ومنظمات الجريمة المنظمة مدى الإرتباط القائم بينها سواء على المستوى الوطني ( الداخلي ) أم عبر الحدود ( الخارجي ) مما دفع مختلف دول العالم لإتحاد مجموعة من الإجراءات لتعزيز التعاون لمنع مكافحة هذا الاتجاه كما بادرت الهيئات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة ( مجلس الأمن ) بإصدار مجموعة من القرارات في مواجهة هذه الظاهرة .

كما تجسدت الروابط القائمة بين الإرهاب والجريمة المنظمة في مجالات  تزوير الوثائق الرسمية ( البطاقات – جوازات السفر – التأشيرات – تراخيص قيادة السيارات … الخ ) بالإضافة إلى ممارسة الأنشطة الإجرامية بهدف تمويل الإرهاب ومن أبرزها ( جرائم السطو المسلح على المصارف والمحال التجارية – الاتجار بالمواد المخدرة – غسل الأموال – تهريب الأسلحة – تهريب الأشخاص… الخ ) .

ومن هنا تبلورت العديد من محاذير الروابط القائمة بين الجريمة المنظمة والإرهاب والتي يشار إليها فيما يلي :-

–  استعانة التنظيمات الإرهابية بعصابات الإجرام المنظم للقيام بمهام التخطيط للعمليات والإعداد لإقامة وإيواء العناصر الإرهابية والحصول على الوثائق المزورة والأسلحة والإتصال بذوي الخبرة الطبية لعلاج المصابين .

–  استعانة التنظيمات الإرهابية بمنظمات الجريمة المنظمة في الحصول على الأسلحة ( النووية – البيولوجية – الكيميائية ) لإستخدامها في عملياتها الإرهابية والتخريبية .


#فريق _البحث_الامني_بالمركز

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى