غير مصنف

لحظة خلق فريق عمل … تستحق الإحتفال

مركز السلام والتنمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية

علم الإدارة من العلوم التي قفزت إلى الصدارة وتبوأ قائمة العلوم الأخرى وأصبح يدرس على أوسع نطاق في الجامعات والمعاهد العليا على أيدي علماء متخصصين في علوم الإدارة مشهود لهم بالقدرة على التفكير الخلاق والإبداع في مواجهة المعضلات .

واهتمت دول العالم بالعلوم الإدارية الحديثة والأخذ بها في إدارة الشئون الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وفق التطور العلمي والتقني المعاصر وعقد المؤتمرات والندوات الدولية لتبادل المعلومات ونقل الخبرات من المتخصصين في هذا المجال الحيوي والهام .

وفي هذا الإطار عقد منذ فترة بالقاهرة مؤتمر عالمي للإدارة وتنمية الموارد البشرية وغيرها من قضايا الإدارة والاقتصاد ، وكان من بين العلماء الذين ساهموا بخبرتهم في المؤتمر العالم ( دي بون ) من اليابان الذي يعتبر أحد أثنين في العالم على قمة هذا التخصص ، ومجال بحث ( دي بون ) هو الإبداع .

حيث إن حياته ومؤلفاته وكل نشاطه مكرس لتزويد الناس بأدوات وطرق ووسائل يكتسبون بها القدرة على التفكير عند مواجهة المعضلات، وطريقته المعروفة بإسم ( التفكير الجانبي ) أي كيف تنظر إلى المشكلة من جانب غير تقليدي ترتبط به ومسجله بإسمه في قاموس اوكسفورد .

وقد ساهم ( دي بون ) في إعادة تنظيم وتدريب العاملين في مؤسسات وشركات معروفة عالميا في اليابان وأمريكا وإحدى أدواته طريقة اختار لها اسم ( القبعات الست ) وهي تشير إلى الأفكار التي يمكن للمسئولين أن يستخدمونها في مواجهة المواقف المختلفة .

وفي مؤتمر القاهرة المشار إليه أثار ( دي بون ) أكثر من نقطة من بينها كيف تضاعف الإتصال بفريق من حولك ؟ كيف يمكن تحويل الأفكار إلى واقع ملموس ؟ كيف تتخلص من الإعتياد على طريقة واحدة في التفكير والعمل، ونماذج من التفكير الإبداعي .

وإذا كانت دول كبيرة استعانت بالعالم ( دي بون ) في وضع برامجها التعليمية فإن الأربعين كتاباً التي ألفها ترجمت إلى ست وعشرين لغة بالإضافة إلى إدارته مركز للأبحاث والتدريب تنتسب هيئات عالمية إلى عضويته ومن بينها الأمم المتحدة .

وإذا أضفت إلى هذا إن العامل الياباني يدخل المؤسسة ضامنا أنه سيقضي فيها حياته،ستتساءل إذاً أين يكمن الدافع الذي يصل الياباني إلى إدمان العمل حسب التعبير الذي أصبح عالمياً في وصف اليابانيين .

وإجابة هذا السؤال ستجدها في القيم التي يغرسها المجتمع الياباني في أعماق أبنائه، منذ نعومة أظفارهم ويسقيها لهم مع لبن الأم ويتولاها بالحراسة والمتابعة في المدرسة والمعبد والمصنع، وفي مقدمتها مسئوليته عن مديونية اتجاه والديه وعمله ، وهي مديونية عليه أن يسددها دون أن يتوقع أنه سيفي بجزء من عشرة ألاف جزء مهما فعل .

وتتكفل المدرسة بالجانب الأكبر في بناء الإنسان الياباني والعمل بروح الفريق والتكامل والتي تصل إلى أقصى درجاتها من الفصل، فالطالب المتفوق يبذل كل جهده في مساعدة من يريد رفاقه بروح المسئولية وهو يعرف أن الفصل كله سينتقل معا إلى الصف الأعلى إلى نهاية المرحلة الثانوية بحيث لن يتخلف منه أحد وهذه الروح الجماعية تنتقل معه إلى مكان العمل الذي يشار إليه في اليابانية بنفس الكلمة التي يشار بها إلى البيت .

ويشرح كيف إن الفريق هو خلية العمل الأساسية وأنه يتكون خلال وقت طويل ومصاعب لذلك فميلاد فريق لحظة تستحق الإحتفال ، وموهبة رئيس الفريق والمدير أن يعمل فريقه لا أن يكون هو أفضلهم .

ومن هذه المعلومات المستخلصة من مصادر عالمية متخصصة في مجال الإدارة ما يؤكد على أن السلوك الفردي الموروث من خلال المعتقد الديني والقيم الإجتماعية المكتسبة من العلاقات الأسرية والبرامج التعليمية هي الأساس في خلق فريق العمل الناجح في المؤسسة .

هل نحن بحاجة إلى خبير أجنبي يشير علينا بأن معتقدنا الديني وقيمنا الإجتماعية غير كافية لتشكيل فرق عمل تكون قادرة على تسيير العمل وتحقيق نسب من النجاح في مؤسساتنا ومشاريعنا التنموية وغيرها من الأجهزة الإدارية التي تعاني من سوء الإدارة ؟ .

إن التفكير البسيط في كلمة حب العمل متى توفرت شروط هذا الحب قد يحقق المستحيل .


#فريق_البحث_العلمي_بالمركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى